Tuesday, July 11, 2006

 

الجعليين .. السكان والمكان 1

يرتبط الجعلى التقليدى عاطفيآ بمختلف العادات و الممارسات و بخاصة العادات ذات الصلة بدورة الحياة و طقوس العبور . لهذا تقام مناسبات و احتفالات الحمل و الوضوع و البلوغ و الزواج و الوفاة و تشارك فيها كل القرية .يتلقى الطفل خلال مختلف مراحل تطوره انواعآ مختلفة من الدفعات التعليمية . ذلك ان التعليم عملية مستمرة فى المجتمعات القبلية التقليدية فى السودان ، تبدأ منذ نعومة الاظافر و حتى سن الرشد كتأقلم اجتماعى غير رسمى داخل العائلة . و يتم تعليم الدين و المعارف القبلية من خلال الفولكلور ، و الذى يستخدم ايضآ لشحذ ذكاء الطفل و قدراته التخيلية ، حيث يقاد الطفل من خلال توجيهات الكبار الى السلوك المعيارى الذى يحكم علاقاته مع الجنس الآخر و مع الكبار و مع الاغراب ايضآ .بالرغم من ان عادة الشلوخ فى طريقها للزوال ، الا ان بعض الشبان يحددون بشلوخ الجعليين هويتهم القبلية . بعض المؤشرات تربط هذه العادة بالجزيرة العربية ، الا ان ثمة ادلة موضوعية توضح ان الشلوخ – كما يمارسها الجعليون - سمة افريقية منتشرة قبل دخول العرب السودان .يشكل الزواج الذى يسبقه تقديم هدايا للعروس و المهر لوالدها المرحلة التالية فى دورة الحياة . يبدأ تجهيز الفتاة تقليديآ للزواج بوشم الشفة و تسمين العروس . و تمارس عادة مماثلة لهذه بين مجموعات افريقية اخرى مثل البربر و الايكوى EKOI فى نيجريا ثم يضفر ( يمشط ) شعر العروس بطريقة شبيهة بطريقة تضفير الفتيات لشعرهن فى مصر الفرعونية . تستمر احتفالات و ولائم الزواج لمدة اسبوعين بينما كانت فى الماضى تستمر لمدة اربعين يومآ ، حيث تقام فى الاسبوع الاول احتفالات عديدة كالسيرة الى منزل العروس و طقوس الحماية و الاخصاب و السيرة الى النيل .ان انساق المعتقدات لدى الجعليين معقدة و صعبة التحليل مثلها مثل غيرها لدى بقية القبائل التى تسكن حول النيل فى السودان ، فالمعتقدات المرتبطة بمراحل الثقافة تعيش جنبآ الى جنب . و لكن الاسلام الشعبى و الذى يضم مختلف العناصر الثقافية هو محور المعتقدات الشعبية حيث تطغى على المسرح الاسلامى لدى الجعليين و على غيرهم من المسلمين – ثنائية بين النموذجى و الواقعى ، الاصيل و الشعبى - فالاسلام الاصولى ظل موضوعآ للعقيدة و التوحيد . فبالرغم من ان المسلمين الملتزمين يؤدون صلواتهم و يقومون بغيرها من الواجبات وفقآ لتعاليم الاسلام الحنيف ، فان الاسلام الشعبى هو الذى يختلج فى وجدانهم و به يعينون هويتهم بحماس . فتحديد الهوية بالاسلام يمكن تحقيقها عن طريق طلب الملاذ الروحى تحت واحدة من الطرق الدينية الصوفية .
بالرغم من انتماء كثيرين من الجعليين لعدة طرق دينية ، فان للجعليين طريقتهم الخاصة ، و هى الطريقة المجذوبية و التى هى فرع من الشاذلية . يقول ترمنجهام : " ان الشاذلية و الاسماعيلية هما الطريقتان الاسلاميتان الوحيدتان السودانيتان حقآ " . تتمركز المجذوبية فى الدامر التى اصبحت مركزآللتعليم الدينى و الاخوة الاسلامية . و قد اعتاد الطلاب الحضور من مختلف انحاء السودان و من اماكن بعيدة مثل تشاد ليدرسوا تحت شيوخ مرموقين بهذه المدينة الصغيرة التى قورنت بالجامعات الاوربية فى العصور الوسطى . و قد كانت للدامر فى القرن التاسع عشر مكانة دولة دينية " ثيوقراطية " يرأسها الفكى الكبير . و الذى يحافظ على الوضع الراهن و يشرف على الشئون الداخلية بروح الاخوة الاسلامية . كذلك اصبحت الدامر ملجأ للقبائل و الافراد الهاربين .ان رؤية العالم بالنسبة للجعلى التقليدى و بالتالى بالنسبة لحكايات الجعليين تسيطر عليها خمس مجموعات من المعتقدات و التى تتداخل احيانآ . و عمومآ لا تشكل بناءآ هرميآ Hierarchy و هذه الاقسام هى :1- الاله الاعلى ( الله ) .2- الرسول صلى الله عليه و سلم و الاولياء .3- عالم الارواح الخيرة .4- الطبيعة ( النباتات ، الحيوانات ، الجبال ، ......الخ ) و العالم الانسانى .5- العالم السفلى .يحتل الرسول صلى الله عليه و سلم مكانآ فى رؤية العالم بالنسبة للجعلى التقليدى و فى فولكور الاسلام الشعبى ، و لكن ظهوره فى الحكايات الشعبية نادر جدآ ، ويلعب دورآ ثانويآ . فى حين ان الاولياء يلعبون دورآ ايجابيآ و ثابتآ فى ثقافة الجعلى .

Comments: Post a Comment



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?